الحوار السوداني السوداني بين الإقصاء والمشاركة

IMG-20250928-WA0000

 

بقلم الأستاذة شاذلية حسن عبد الله العشاء

 

 

الحوار السوداني السوداني يمثل اليوم فرصة وطنية عظيمة لإعادة لم شمل أبناء الوطن الواحد وبناء قاعدة صلبة للسلام العادل والاستقرار المنشود فهو ليس مجرد لقاء سياسي أو مبادرة آنية بل هو حجر الأساس لمستقبل السودان ومفتاح الخروج من دوامة الأزمات التي طالت الوطن وأرهقت المواطن ولأن الحوار هو مرآة لوعي الأمة فإن نجاحه لا يتحقق إلا إذا كان شاملا صادقا يفتح أبوابه للجميع دون إقصاء أو تمييز فالوطن لا يمكن أن يُبنى بنصف صوته ولا ينهض إذا تم تهميش فئاته الحية التي تشكل قوته الحقيقية.

 

لكن ما نراه اليوم في المشهد السوداني يثير الكثير من التساؤلات فهناك من يحاول أن يجعل من هذا الحوار منبرًا محدودًا يقتصر على فئات معينة وكأن السودان ملك لفئة دون أخرى مع أن الوطن أوسع من الجميع وأكبر من كل الانتماءات السياسية أو الجهوية أو الفكرية إن محاولة احتكار الحوار هي بداية فشله لأن أي حوار لا يضم كل الأطراف ولا يسمع كل الأصوات سيظل ناقصًا ومبتورًا ولن يعبّر عن إرادة الشعب السوداني بكل مكوناته.

 

وهنا نسأل بصوت عالٍ أين المرأة من هذا الحوار السوداني السوداني وأين الشباب الذين يمثلون روح السودان ومستقبله كيف يمكن الحديث عن حوار وطني في غياب هاتين القوتين اللتين تحملان في طاقتهما الأمل والعزيمة على التغيير المرأة السودانية كانت ولا تزال في مقدمة الصفوف في ميادين العمل والنضال والعطاء وهي الأجدر بأن يكون صوتها مسموعا ورأيها مؤثرا في صياغة مستقبل البلاد أما الشباب فهم وقود التغيير وعصب النهضة ولا يمكن أن يستمر تغييبهم أو تجاهل دورهم بحجة التجربة أو التمثيل فالحوار من دونهم حوار بلا روح.

 

إن من يتحدث اليوم باسم الحوار وهو لا يملك قاعدة جماهيرية حقيقية أو دائرة جغرافية تمثله لا يمكن أن يدّعي تمثيل الشعب لأن الحوار لا يُقاس بالمناصب ولا بالمقاعد بل بالمصداقية والنية الخالصة في خدمة السودان وأهله الوطن لا يحتاج إلى من يتحدث باسمه من وراء المكاتب أو أمام الكاميرات بل يحتاج إلى من يعيش قضاياه ويشعر بآلام الناس وآمالهم ويضع مصلحته الشخصية خلف ظهره.

 

لذلك نوجّه نداءً صادقًا إلى الجهات الحكومية والخاصة واللجان المعنية بهذا الحوار أن تتعامل مع الحوار السوداني السوداني بروح المسؤولية الوطنية وأن تُشرك كل القوى الفاعلة في الساحة من منظمات المجتمع المدني والكيانات النسوية والشبابية والسياسية والاجتماعية حتى لا يتحول الحوار إلى لقاء ضيق بين أشخاص بعينهم أو مجموعة محددة فالبلاد لا تتحمل مزيدًا من الانقسام ولا تحتاج إلى حوارات شكلية هدفها الظهور الإعلامي دون نتائج واقعية.

 

إننا نريد حوارا حقيقيا ناضجا يعبّر عن ضمير الأمة وعن تطلعات كل سوداني وسودانية حوارًا يضع الوطن أولًا ويقدّم مصلحته على كل اعتبار حوارًا يُبنى على العدالة والمساواة والتفاهم المشترك لا على الإقصاء أو المحاصصة أو تبادل الاتهامات لأن السودان لا يمكن أن ينهض إلا بوحدة صفه وتكاتف أبنائه فالوطن ليس ملكًا لأحد بل هو مسؤولية الجميع.

 

اليوم أكثر من أي وقت مضى يحتاج السودان إلى حوار الضمائر لا حوار الشعارات إلى حوار يزرع الأمل بدلًا من الخلاف ويصنع التفاهم بدلًا من الشقاق فالوطن الذي يتسع للجميع لا بد أن يقوم على أساس الشراكة الحقيقية والاعتراف المتبادل والاحترام لكل رأي ولكل فكر.

 

فلنجعل الحوار السوداني السوداني خطوة صادقة نحو بناء وطن يسع الجميع وطن لا مكان فيه للإقصاء أو التهميش وطن تُسمع فيه أصوات النساء والشباب وأهل الفكر والإبداع وطن يُدار بالعقل والحكمة لا بالعناد والمصالح الضيقة لأن السودان يستحق منا أن نعلو فوق خلافاتنا ونضع مصلحته فوق كل اعتبار فالتاريخ لا يرحم ومن يعمل بإخلاص للوطن سيبقى اسمه خالداً في ذاكرة الأجيال القادمة أما من يجعل الحوار وسيلة للنفوذ فسيمضي ويبقى الوطن.

 

السودان اليوم أمام مفترق طرق فإما أن نختار طريق الوحدة والبناء والمشاركة الصادقة وإما أن نظل أسرى للفرقة والإقصاء واللامبالاة فلنمد أيدينا لبعضنا ولنجعل من الحوار السوداني السوداني جسراً يربط بيننا لا حاجزًا يفصلنا ولنجعل منه صوت الوطن الذي يعلو فوق الجميع لأن السودان باقٍ ونحن زائلون ولن يبقى في ذاكرة التاريخ إلا من خدم وطنه بصدق وضمير حي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *