الفنانة إنصاف فتحي في حوار مع نون النسوة

الفنانة إنصاف فتحي في حوار مع نون النسوة
= الحرب سلبت منا أحلامنا، ولكنها لم تستطع أن تطفئ شعلة حبنا للوطن وسيبقى السودان حاضراً في قلوبنا
= الأمومة تجربة فريدة وشعور سامٍ لا يمكن وصفه بالكلمات
= أعيش الآن مرحلة من المسؤوليات المتزايدة التي تحمل في طياتها الكثير من الجمال والمعاني
= أنا على يقين بأنني سأقدم لكم أغنية خاصة احتفاء بقدوم “يامن”
= دور الفنان يتجلّى في تقديم الواقع الراهن في قالب فني مبتكر قائم على ثلاثة عناصر الكلمة واللحن، والأداء
= جميعاً نعيش صراعاً داخلياً وسؤالاً متكرراً: متى سنعود؟
///////
الفن والتراث هما مرآة الهوية وجسر يعبر بين الماضي والحاضر فالفنانة “انصاف فتحي” برؤيتها العميقة وإحساسها المرهف، في حوار مع صحيفة “نون النسوة ” تُجسد هذا الجسر بتميز وإبداع تُبرز أعمالها جمال التراث بروحٍ معاصرة، فتُحيي القيم الثقافية في قالبٍ فنيّ يخاطب الأجيال كافة من خلال صوتها وأدائها، تنسج “إنصاف ” حكايات تنبض بالأصالة وتعكس عبق التاريخ، لتُثبت أن الفن الحقيقي هو الذي يُحافظ على الجذور وينطلق بها نحو أفق جديد فهي سفيرة السلام للأغنية السودانية، تُعد أيقونة تجمع بين أصالة الفن ورسالة الإنسانية النبيلة بصوتها الآسر وإحساسها العميق، نجحت في حمل الإرث الموسيقي السوداني إلى فضاءات عالمية أرحب، مكرّسة فنها لنشر قيم السلام والتسامح من خلال أغنياتها، تقدم صورة مشرقة لوطنها، حيث تنسج بخيوط ألحانها لغة مشتركة تلامس القلوب وتتخطى الحدود وهي فنانة استثنائية،و أيضاً رمز للإبداع الراقي فالي مضابط الحوار .
حاورها – محمد مهدي مصطفى
1. كيف أثرت وسائل التواصل الاجتماعي على انتشار فنك؟ وهل ترينها أداة إيجابية في بناء العلاقة مع الجمهور؟
منصات التواصل الاجتماعي لعبت دوراً بالغ الأهمية في تعزيز انتشار أعمالي الفنية، ولا سيما أغنياتي، حيث أسهمت بشكل كبير في وصولها إلى جمهور أوسع عبر قناتي على يوتيوب، وتطبيق تيك توك، وفيسبوك، وحتى من خلال الواتساب هذه المنصات ساعدتني في تقصير المسافات بيني وبين الجمهور، وأتاحت لي فرصة توطيد العلاقة معهم لدرجة أنني أستطيع بسهولة الحصول على آرائهم بطريقة سلسة ومباشرة مما يتيح لي الاستفادة من ملاحظاتهم لكن كل هذا يعتمد على حسن استخدام هذه الأدوات بشكل إيجابي وفعّال، مما يجعل لها دوراً إيجابياً بارزًا في تطوير العلاقة بين الفنان وجمهوره.
2. ما هو أثر الفن على المجتمع السوداني في ظل التحديات الراهنة؟
الفنان هو صوت المجتمع النابض يتحدث باسمه ويعبّر عن مشاعره وآماله وتحدياته فهو المرآة التي تعكس قضايا الشعب وتطلعاته وينقل نبض الحياة اليومية بكل ما تحمله من إيجابيات وسلبيات ودور الفنان يتجلّى في تقديم الواقع الراهن في قالب فني مبتكر قائم على ثلاثة عناصر رئيسية: الكلمة واللحن، والأداء
فمن خلال هذه العناصر، يسلط الفنان الضوء على حال البلاد وظروفها، وعلى هموم الناس ومتطلباتهم، سواء في بيوتهم أو في مختلف جوانب حياتهم فهو يحمل على عاتقه مسؤولية نقل الرسالة المجتمعية بأمانة وصدق، ليكون الناطق باسم الشعب ومعبّراً عن آلامه وأحلامه وفي ظل التحديات المتعددة، تبقى حيلة الفنان ووسيلته الأهم هي الإبداع الفني الذي يوصل صوته ورسائله إلى الجميع، مانحاً القضايا الراهنة قوة وحيوية في إطار جمالي يعكس روح المجتمع بعمق وصدق.
3. كيف أثّرت الحرب على انصاف فتحي الفنانة ؟
أنا على يقين بأنني سأقدم لكم أغنية خاصة احتفاء بقدوم “يامن”
لقد تركت الحرب أثراً عميقاً في نفسي، كما هو حال مع جميع أبناء وطني وأكثر ما آلم قلبي وأثقل روحي هو سلب حقي الطبيعي في العيش بسلام في بلدي الحبيب السودان و شعرت بفقدان طاقتي الإيجابية التي كنت أستمدها من وجودي بين أهلي وأحبتي، ومن حريتي في التحرك بأريحية في أرض وطني هذا الشعور بالاغتراب والاضطرار إلى مغادرة الوطن مكسورة ومجبورة هو من أصعب ما يمكن أن يمر به الإنسان
فالمعاناة النفسية التي خلّفتها هذه التجربة تفوق كل الخسائر المادية، فالماديات يمكن تعويضها مع الوقت، ولكن أثر الغربة والاضطرار على النفس أمر مؤلم وصعب تجاوزه
أدعو الله أن يُصلح الحال وأن يعيدنا سالمين إلى حضن الوطن، لنعيش فيه بأمان وكرامة، ونستشعر حقنا الطبيعي في الانتماء والعيش في بلدنا بحرية وسلام.
4- ما هي الرسائل التي أرادتِ إيصالها من خلال تناولها لموضوع الحرب؟
إن الحرب قد فرقت بيننا وشتتتنا، وسلبت منا حقوقنا وأحلامنا، لكنها لم تستطع أن تطفئ شعلة حبنا للوطن وسيبقى السودان حاضراً في قلوبنا وأملنا لا ينقطع في أن نعود إليه، متسلحين بفكر أعمق، ورؤية أكثر وضوحاً وعزيمة لا تلين
فمهما طال الزمن أو قصر، فإن عودتنا أمر لا مفر منه، وسنمد أيدينا جميعاً لنتكاتف في إعادة بناء السودان، ونعمل معاً لإخراجه من أزمته، ليعود وطناً يسع الجميع، ويمضي قدماً نحو مستقبل مشرق
5.كيف استخدمتي اللون الفني والموسيقى لتمثيل مشاعر الصراع والدمار؟
في ظل هذه الظروف العصيبة، عبرتُ من خلال هذه الأغنية عن وجدان الشعب السوداني، خاصة النساء – الأمهات، الأخوات، والبنات – اللواتي يعشن معاناة الغربة بكل قسوتها فالغربة ليست مجرد ابتعاد عن الوطن، بل هي فراق الأحبة، إذ تفصل بين العائلات وتُبقي الكثير منا بعيدين عن بعضنا البعض و كلٌّ يحمل في قلبه شوقاً وحنيناً لأسرته ولوطنه الذي يشتاق إليه بكل جوارحه
فأغنيتي “يا يمّة شيلّي الصبر” جاءت لتجسد هذا الألم والحنين؛ كلماتها من إبداع الأستاذ عبد الله البشير وألحان المبدع عماد يوسف وهي تعبير عن معاناة الغربة التي تجعل الليالي مريرة، ولكنها في الوقت ذاته تحمل الأمل في العودة و من خلال هذه الأغنية أود أن أطمئن الجميع وأزرع في قلوبهم الأمل بأن العودة قريبة، بإذن الله نحن جميعًا نعيش صراعاً داخلياً وسؤالاً متكررًا: متى سنعود؟ ولكنني أؤمن أن الفرج قريب، وستنتهي هذه الأيام الصعبة قريباً بعون الله.
جميعاً نعيش صراعاً داخلياً وسؤالاً متكرراً: متى سنعود؟
6.كيف توفقين بين مسؤولياتك كأم وكونك فنانة ملتزمة بمسيرتك؟
“أشعر بسعادة غامرة كأم، حيث أعيش الآن مرحلة من المسؤوليات المتزايدة التي تحمل في طياتها الكثير من الجمال والمعاني ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي أتمكن من التواصل مع جمهوري العزيز ومشاركة لحظات حياتي و أحمد الله على نعمة الأسرة التي أعيش وسطها وأستمتع بوقتي مع ابني العزيز الذي أعتبره هبة غالية من الله، وأسأل الله أن يحفظه لي دائمًا.”
7- هل تجدين أن تجربة الأمومة تُلهم أعمالك الفنية؟ وهل تظهر طفولية ابنك في أي من أعمالك القادمة ؟
الأمومة تجربة فريدة وشعور سامٍ لا يمكن وصفه بالكلمات بالنسبة لي تُعد هذه المرحلة مصدر إلهام عميق لأعمالي الفنية القادمة وأنا على يقين بأنني سأقدم لكم أغنية خاصة احتفاءً بقدوم “يامن”، تعبيراً عن هذا الإحساس المختلف والفريد الذي أضاف الكثير لمسيرتي الفنية أشعر بأن هذا الحدث سيترك بصمة دائمة في حياتي، وسيكون “يامن” بإذن الله سنداً حقيقياً لي في المستقبل.